كتاب “الواضح في أصول الفقه” الذي بين يدي القارئ هو المؤلف الوحيد لمصنفه ابن عقيل الذي وصل إلينا كاملاً من القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) وقد وصل في ثلاث مجلدات مخطوطة، الأولى والثانية منها في المكتبة الظاهرية بدمشق، والثالثة في الولايات المتحدة الأمريكية في مكتبة جامعة برنستون وهذه المجلدات الثلاث كلها بخطّ ناسخ واحد.
والكتاب الواضح… ليس كتاباً واحداً بل أربعة كتب مستقلة ينتمي كلّ منها إلى علم أصول الفقه، وهي: كتاب في المذهب، وكتابان في الجدل، وكتاب في المسائل الخلافية. يتضمن الكتاب الأول المذهب في أصول الفقه، والكتاب الثاني، الجدل في الأصول، والثالث الجدل على طريقة الفقهاء، توسع فيه المؤلف غاية التوسع بالنسبة إلى كتابه الآخر في الجدل الذي تقدم ذكره أعلاه، وهو المطبوع في سنة 1967، وما يلمّ بالمسائل الخلافية يحتويها ما بقي من الأجزاء الثمانية. ويظهر من هذا أن ابن عقيل قد قصد في تأليفه كتاب الواضح جمع كل ما يختص بعلم أصول الفقه والمناظرة فيه من مذهب وجدل وخلاف، فجاء بهذه الكتب الأربعة.
والكتاب له شهرته بين كتاب الحنابلة أصحاب المؤلف الذين جاؤوا بعده. فطالما أوردوا منه فقرات في كتبهم واستشهدوا به، لا سيّما في “المسودة في أصول الفقه” الذي تتابع على تصنيفه ثلاثة من أئمة الفقه وأصوله، شيخ الإسلام ابن تيمية وأبوه شهاب الدين وجده مجد الدين. وكما ذكرنا فالكتاب أربعة كتب مستقلة: كتاب في المذهب، وكتابان اثنان في الجدل، وكتاب في الخلاف؛ أي المسائل الخلافية، وهو على حدته يربو على ثلثي الواضح، وقد قسّمه المحقق إلى خمسة أقسام. وهذه الفنون الثلاثة، المذهب والجدل والخلاف، هي نفس الفنون التي كانت قوام برنامج الدراسات في مدارس القرون الوسطى ببغداد وغيرها من مدن العالم الإسلامي، والتي أدّت إلى إجازة التدريس والإفتاء. وهذه الفنون جمعها ابن عقيل في مؤلف واحد، فكتابه كناية عن أهم الدراسات العلمية التي لا بد للمتفقه أن يدرسها ويمارسها، ليجيد فن المناظرة في الفقه الذي يؤدي به إلى الدرجة السامية. درجة إجازة التدريس والإفتاء، ويصير بها مذهلاً لأحد الكراسي المدرسية لتدريس علم الفقه وأصوله.
وهذه هي أجزاء الكتاب كما قسمها المحقق: الكتاب الأول: الجزء الأول: كتاب المذهب. الكتاب الثاني: الجزء الثاني: كتاب جدل الأصوليين. الكتاب الثالث: الجزء الثالث: كتاب جدل الفقهاء. الكتاب الرابع: الجزء الرابع: كتاب الخلاف: القسم الأول من كتاب الخلاف: الأوامر، والنواهي. والقسم الثاني منه: فحوى الخطاب والاستثناء المجمل والمفسر، والمحكم والمتشابه. القسم الثالث أيضاً كتاب الخلاف: أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، والنسخ، والأخبار، القسم الرابع منه: الإجماع. والقسم الخامس والأخير أيضاً من كتاب الخلاف: القياس، والاجتهاد، والزوائد. والزوائد هذه للمؤلف ألحقها بتأليفه قائلاً: “مسائل تتبعتها وفصول لقطتها من الكتب والمجالس من غرائب المسائل والفصول”.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.