تستهدف الشريعة الإسلامية في مجموعها صلاح أحوال الناس، وانتظام أمورهم، وارتقاء معايشهم، مما يؤدي إلى سعادتهم في الدنيا بالأمن الشامل، والعدل الكامل، والطمأنينة العامة، والعمران الواسع، والرخاء المنتشر، وإلى سعادتهم في الحياة الأخرى بنوال رضوان الله ودخول جنته، والخلود في أبدية الحياة الراضية. هذا وإن التشريع الإسلامي إلزامي معنى: أنه يجب أن يخضع له المكلفون، وأن يلتزموا بأحكامه أوامرٍ ونواهٍ، في جميع تصرفاتهم وأعمالهم، سواء أكانت للفرد مع نفسه، أو مع الناس، وسواء نشأ عنها حق للآخرين أو اقتصرت على الفرد وحده. لكن الناس قد لا يتقيدون بما تلزمهم به عقيدتهم من التشريع الواجب تطبيقه، فرداً أو جماعة، فلا بد أن يكون في البشر من يحفظ للتشريع هيبته، وللناس حقوقهم، وقد لا ترتدع النفوس الشريرة، فكان لا بد أن يكون في أحكام الشريعة ما يحول دون ذلك، أو يخفف منه، فكانت نظرية المؤيدات، ومن أهمها ما يتعلق بالعقوبات الرادعة الزاجرة.
في هذا الإطار يأتي هذا الحث الذي حرص فيه المؤلف على إعطاء صورة متكاملة عن نظرية العقوبات في الإسلام باعتبارها جزءاً من المؤيدات التشريعية، في وقت نحن محتاجون فيه إلى وضوح الصورة والرؤية لجانب هام من جوانب التشريع الإسلامي، ظل قروناً طويلة يطبقه المسلمون في دولهم المتعاقبة، ولم يتخذوا أي تشريع في العقوبات سواه.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.