لقد شعرت بالدهشة من حجم الاهتمام بالعلاج الإدراكي السلوكي، الذي تزايد منذ نشر هذا الكتاب لأول مرة في عام 1980, ففي ذلك الوقت، كان عدد قليل جدًّا من الناس قد سمعوا عن العلاج الإدراكي, ومنذ ذلك الوقت، انتشر العلاج الإدراكي انتشارًا كبيرًا بين إخصائيي الصحة العقلية وعامة الناس أيضًا, وفي الحقيقة، لقد أصبح العلاج الإدراكي أحد أشكال العلاج النفسي الأكثر ممارسة وأحد الموضوعات الأكثر بحثًا.
لماذا حدث هذا الاهتمام بهذا الفرع بالذات دون بقية فروع العلاج النفسي؟ هناك ثلاثة أسباب على الأقل: أولًا، الأفكار الأساسية بسيطة للغاية وجذابة بطبيعتها. ثانيًا، أكدت أبحاث عديدة أن العلاج الإدراكي قد يكون مفيدًا للغاية مع الأفراد، الذين يعانون الاكتئاب والقلق وعددًا من المشكلات الأخرى أيضًا, وفي الحقيقة، يبدو أن العلاج الإدراكي لا يقل نفعًا عن أفضل الأدوية المضادة للاكتئاب (مثل بروزاك), وثالثًا، أوجد العديد من كتب الاعتماد على النفس، بما فيها هذا الكتاب، طلبًا كبيرًا وقويًّا على العلاج الإدراكي في الولايات المتحدة الأمريكية وفي جميع أنحاء العالم أيضًا.
وقبل أن أقوم بشرح بعض التطورات الجديدة، دعوني أوضح ماهية العلاج الإدراكي بشكل مختصر. إن الإدراك هو فكرة أو مفهوم, وبكلمات أخرى، إدراكاتك هي طريقة تفكيرك حول الأشياء في أية لحظة، وهذا يتضمن هذه اللحظة, وتدور هذه الأفكار في عقلك بشكل آلي، وغالبًا ما تؤثر تأثيرًا كبيرًا في كيفية شعورك.
على سبيل المثال، في الوقت الحالي، ربما تراودك بعض الأفكار وتخالجك بعض المشاعر حيال هذا الكتاب. إذا كنت قد اخترت هذا الكتاب؛ لأنك تشعر بالاكتئاب والإحباط، وربما تفكر في الأمور بطريقة سلبية وانتقادية للنفس: “إنني فاشل. ما الخطأ بي؟ لن أكون إنسانًا أفضل أبدًا, ولن يستطيع كتاب غبي مثل هذا مساعدتي. ليست هناك مشكلة في تفكيري؛ فمشكلاتي مشكلات حقيقية”, وإذا كنت تشعر بالغضب أو الضيق، فربما تفكر: “هذا الشخص المدعو بيرنز ليس إلا مخادعًا يحاول الحصول على المال وتحقيق الثراء, وربما لا يعلم ما يتحدث عنه أيضًا”, وإذا كنت تشعر بالتفاؤل والاهتمام، فربما تفكر: “حسنًا، هذا مثير للاهتمام, ربما أعلم شيئا مثيرًا ومفيدًا”, وفي كل حالة من هذه الحالات، تعمل أفكارك على توجيه مشاعرك.